لمحة عن الطب والأطباء في العصر
العثماني
§
الطب
في العصر العثماني.
§
المشافي
والبيمارستانات وتدريس الطب.
§
الأطباء
في العصر العثماني.
أولاً
: الطب في العصر العثماني:
تخلف
الطب في سورية في هذا العهد ومر في مرحلة انحطاط وانتكاس واعتل بعد قوة ونشاط
وأجدب بعد ازدهار وارتد إلى طفولته وعجزه وجهله, فظهرت الشعوذة بعد غيابها, وأصبحت
البيمارستانات مظلمة مهملة لا راع لها, واستحالت دور سكن للفقراء ومأوى للمعتوهين,
وكسدت سوق الأطباء واختفت أسماء أعلام الطب وراج طب الحلاقين والمنجمين وكتبة
الطلاسم وباعة التعاويذ, هذا ما يؤكده الدكتور طه اسحق الكيالي في كتابه تاريخ الطب
والأطباء في حلب, الصفحة 33.
فقد
انتقلت عاصمة الخلافة ولأول مرة خارج البلاد العربية إلى استانبول, وأصبحت اللغة
العثمانية هي اللغة الرسمية للدولة, فسرعان ما ركدت الحركة العلمية[i],
وقصر الباحثون والكتاب وأصبحت الكتابات عبارة عن شروح وحواشي.
وتأخرت
السلطنة العثمانية عن ركب الحضارة في مجال علم الطب من الناحيتين النظرية العلمية
والعملية, فقد تأخرت كثيراً عن القرون السابقة في عصر الأيوبيين وحتى عن عصر
المماليك, فتأثر الطب بالأحاجي والتمائم والتعاويذ وبالسحر والخرافات, كما تدهورت
أحوال المستشفيات وأصبح البيمارستان مهملاً يرأسه من لا أهلية له, وظهرت طبقة من
الحلاقين مارست الطب والجراحة بدلاً من الأطباء الاختصاصيين.
وأصبح
من يمنح الأطباء شهادة مزاولة المهنة (الحكيم باشي) لا يملك الإمكانيات التي تؤهله
لإعطاء هذه الشهادة, فأعطيت الشهادة لرفيعي المستوى بغض النظر عن إمكانياتهم
ومؤهلاتهم[ii].
ثانياً:
المشافي والبيمارستانات ودورها في تدريس الطب:
ظهرت المشافي للوجود
في فترة موغلة في التاريخ, وعندما أتى العرب إلى سورية الطبيعية ومصر وفارس كانت
المشافي موجودة ويطلق عليها اسم البيمارستانات, والبيمارستان كلمة فارسية مؤلفة من
مقطعين بيمار وتعني مريض وستان تعني دار ليصبح معنى كلمة بيمارستان دار المريض أو
دار المرضى[iii],
وكانت هذه البيمارستانات بالإضافة لكونها دور لمعالجة المرضى كانت بنفس الوقت
مدارس وكليات طب[iv].
وقد اشتهر في بدايات
الإمبراطورية العربية في هذا المجال مدرسة جنديسابور وبيمارستاناتها. وكان المتخرج
منها في ذلك الزمان كحاصل على شهادة البورد الأمريكي.
وأول بيمارستان في
الحضارة العربية كان ذلك الذي بناه الوليد بن عبد الملك في مدينة دمشق والذي
استخدمه لعزل مرضى الجذام[v]
وكان ذلك سنة 88 هـ 706 م.
فإذا كان أول بيمارستان في الشرق الأوسط أسس في مدينة جنديسابور، فإن العرب
أخذوا عن الفرس إقامة المشافي في ظاهر المدن وأطلقوا عليها نفس الاسم، وفي زمن
العباسيين ازداد عدد البيمارستانات زيادة كبيرة، حتى غصت بها المدن الإسلامية من
بغداد وسمرقند إلى دمشق والقاهرة إل فاس وغرناطة، وقد حبست على هذه المؤسسات
الخيرية أوقاف لتدر عليها ما يسدد نفقات إطعام المرضى وأجور الأطباء والصيادلة
والممرضين، كما جهزت بوسائل الرفاهية والتسلية للمرضى، فكانت أجواق الموسيقيين
تصدح في رحباتها، وكانوا يجلبون المطربين والقصاصين إلى قاعات المرضى.
كانت الدولة تضفي على هذه المؤسسات صبغة رسمية، وذلك بتنصيب السلطان أو
نائبه رئيساً أعلى لها، وهو الذي يقوم بتعيين مدير المشفى والناظر على أوقافه.
لكن ما أن أتى العصر
العثماني حتى تدهور الطب وساد الجهل وممارسة الخرافات والتمائم والتعويذ بدل
الممارسات العلمية الصحيحة, وتدهورت كذلك البيمارستانات وأصبحت مأوى للمجانين
والمعتوهين وأبناء السبيل وأصبحت كلمة مارستان مرادفة لمأوى المجانين[vi].
وقد ميز العرب بين
نوعين من البيمارستانات:
البيمارستانات المحمولة:
البيمارستانات الثابتة:
ومن أهم
البيمارستانات في حلب[vii]:
1. البيمارستان النوري أو البيمارستان العتيق.
2. البيمارستان الأرغوني أو البيمارستان
الجديد.
3. بيمارستان بني الدقاق.
4. بيمارستان خرخار.
وقد بني
البيمارستانان الأول والثاني في العهد المملوكي والثالث والرابع لا نملك معلومات
أكيدة عنهما.
التدريس في البيمارستانات:
لم تكن مهمة البيمارستانات قاصرة على تقديم الخدمات الصحية للمرضى، بل كانت
في نفس الوقت معاهد علمية ومدارس لتعليم الطب، يتخرج منها الأطباء والجراحون
والكحالون، وكانت تضم مكتبات حافلة بأمهات المؤلفات لتكون مرجعاً للأساتذة
والطلاب.
ويقول ابن أبي أصيبعة، وهو أحد تلامذة وأطباء البيمارستان النوري في دمشق:
( كنت بعدما يفرغ الحكيم مهذب الدين والحكيم عمران من معالجة المرضى المقيمين
بالبيمارستان وأنا معهم أجلس مع الشيخ رضي الدين الرحبي فأعاين كيفية استدلاله على
الأمراض، وجملة ما يصفه للمرضى وما يكتب لهم، وأبحث معه في كثير من الأمراض
ومداواتها)، وكان يعقد كبار الأطباء مجالس عامة لتدريس صناعة الطب على طلابهم
ومريديهم، وكانت هذه الاجتماعات تعقد في البيمارستانات الكبرى الموجودة في المدن
الرئيسية من العالم العربي، وخاصة في البيمارستان العضدي في بغداد والنوري في دمشق
والناصري في القاهرة، وقد ذكر ابن أبي أصيبعة أن العالم أبا الفرج بن الطيب كان
يقرئ صناعة الطب في البيمارستان العضدي، وأن زاهد العلماء ألف كتابه في الفصول
والمسائل والجوابات التي أجاب عنها في مجلس العلم المقرر في البيمارستان الفاروقي
(نسبة إلى ميافارقين).
وأما أشهر من قام بالتدريس في البيمارستان العضدي:
1. أبو الفرج بن
الطيب (توفي 435 هـ-1043 م) الذي كان معاصراً لابن سينا وتتلمذ عليه ابن بطلان
وعلي بن عيسى وغيرهم.
2. أمين الدولة
ابن التلميذ الطبيب المسيحي، الذي انتهت إليه رئاسة صناعة الطب في بغداد، وبقي
ساعوراً للبيمارستان العضدي حتى وفاته (560 هـ-1164 م). وكان يحضر مجلسه عدد كبير
من التلاميذ ليتعلموا منه صناعة الطب وليستمتعوا بحديثه وأدبه.
أما أشهر الأطباء الذين عملوا في البيمارستان النوري
فنذكر منهم:
1. مهذب الدين
النقاش، البغدادي المولد والمتوفى في مدينة دمشق عام (574هـ-1178م)، وقد عمل في
خدمة الملك العادل نور الدين الزنكي.
2. موفق الدين بن
المطران المسيحي الدمشقي، خدم الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب وأسلم على
يده، كانت له همة عالية في جمع الكتب، مات في خزانة كتبه ما ينوف على عشرة آلاف
كتاب، توفي ودفن في سفح جبل قاسيون سنة (587هـ-1191م).
3. مهذب الدين عبد
الرحيم بن علي، المعروف بالداخور الدمشقي، كان طبيباً كحالاً تعلم المهنة على يد
والده، خدم الملك العادل أبا بكر بن أيوب فولاه رياسة الطب في مصر والشام، قام
بتدريس الطب في البيمارستان النوري، ووقف داره لتكون مدرسة خاصة لتعليم الطب في
دمشق، توفي سنة (628هـ-1230م).
4. رضي الدين
الرحبي: وهو علي بن يوسف بن حيدرة بن الحسن الرحبي، ولد في مدينة الرحبة بجزيرة
ابن عمرو (534هـ-1139م)، سافر إلى بغداد واشتغل بصناعة الطب، ثم رحل إلى دمشق مع
أبيه في زمن السلطان الملك العادل نور الدين الزنكي، ثم عمل في خدمة الملك الناصر
صلاح الدين في قلعة وبيمارستان القاهرة، ولما توفي صلاح الدين (589هـ-1192م) عاد
إلى دمشق، وبقي فيها إلى أن توفي سنة (631هـ-1233م).
5. شرف الدين
الرحبي: وهو علي بن يوسف بن حيدرة، ولد في دمشق (583هـ-1187م) عمل طبيباً في
البيمارستان النوري، كما درس في المدرسة الداخورية وتوفي سنة (667هـ-1268م).
6. عز الدين
السويدي: هو أبو إسحق إبراهيم بن محمد، كان أبوه تاجراً من السويداء بحوران، ولد
بدمشق(600هـ-1283م) ونشأ بها، اشتغل بصناعة الطب في البيمارستان الكبير النوري كما
كان مدرساً بالداخوارية.
أما
المشافي التي بنيت في الفترة التي تقع ضمن فترة هذه الدراسة (1850-1950 م) فهي
نوعين:
1.
مشافي
حكومية: وأهمها:
§
مشفى
الرمضانية العسكري.
§
مشفى
الغرباء أو المشفى الوطني.
§
مشفى
الرازي.
§
مشفى
الحميات.
2. المشافي الخاصة: وأهمها:
§
مشفى
ألتونيان.
§
مشفى
القديس لويس.
§
مشفى
السباعي.
§
مشفى
دار التوليد – كولبنكيان.
§
المشفى
الإيطالي.
§
مشفى
جبه جيان-هوفنانيان.
وسنتحدث
بالتفصيل عن هذه المشافي في فقرة لاحقة.
ثالثاً:
الأطباء في العصر العثماني:
ظهر العديد من
الأطباء في العصر العثماني قاموا بالكتابة والتأليف ومعالجة الناس, من أهم أولئك
الأطباء نذكر:
1.
محمد
بن عبد القادر الشراباتي .
2.
محمد
بن سبيخ .
3.
أحمد
بن شاذ بيك .
4.
شمس
الدين أبو اليسر المعروف بابن البيلوني الحلبي .
5.
صالح
ابن سلوم الحلبي.
6.
هاشم
السروجي .
7.
ابن
النقيب .
8.
جمال
الدين الأتروني .
9.
صادق
بن هاشم السروجي .
10.
مصطفى
بن منصور .
11.
عبد
المسيح الحلبي .
12.
آل
الخلاصي .
13.
محمد
الكيالي الطيار .
14.
يوحنا
ورتبات الأرمني .
15.
الياس
ناقوس .
16.
بكري
زبيدة .
17.
محمد
فائز الكيالي .
وغيرهم .........,
هذا بالإضافة لمجموعة من الأطباء الأجانب ( ألمان , ايطاليين ......... ) عاشوا
وطببوا الناس في حلب.
وفيما يلي تراجم
للأطباء الذين ظهروا في حلب في القرن التاسع عشر الميلادي وبعد.